الحكمة و الفلسفة
منشور في : 2012-04-04
هناك من يحبذ مقارنة بين الحكمة والفلسفة ويبحث عن الفرق بينهما.
بينما أرى أن مسألة الفرق تكون مطروحة عندما يكون المصطلحان متقاربان أومتشابهان، فنحاول أن نبحث عن الفرق أو الفروقات بينهما، وهذا مالا ينطبق على المصطلحين موضوع الدراسة.
ولذلك أحبذ أن يكون هناك بحث في المقاربة بين المصطلحين، فنسأل بالتالي :
ماذا يقرب الفلسفة من الحكمة ؟؟
الحكمة مصطلح قرآني، يعني أن له مفهوم قرآني يمكن أن نستلهمه من القرآن.
أما الفلسفة هي مصطلح مستحدث، سوف نجد تعريفا أو تعريفات كثيرة سواء من الفلاسفة أو من المهتمين بها.
وعلى هذا الأساس يمكن القول ودائما من وجهة نظر شخصية :
الحكمة تُوحى إلى الأنبياء والرسل مصداقا لقوله تعالى :
ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا
ويعلمها هؤلاء للناس مصداقا لقوله تعالى :
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ
فالحكمة إذن يمكن أن تُكتسب.
والحكمة تؤتى من لدن ربنا عز وجل إلى من اصطفى من عباده مصداقا لقوله تعالى :
يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ
فقد آتاها الله للأنبياء والرسل :
عن أيوب يقول سبحانه :
وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ
وعن آل إبراهيم :
فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا
يمكن أن نستنتج من هذا أن الحكمة تؤتى أولا لمن اصطفاهم الله، ثم يعلمها هؤلاء للآخرين.
فكانت الرسالات السابقة والأنبياء السابقين يؤتون الحكمة ويعلمونها للناس لتستمر الرسالة إلى من تبعهم.
وبعد عصر النبوة، يستمر تعليم الحكمة من لدن أصحابها لتعليمها للناس.
وعلى هذا الأساس، فالحكمة يمكن أن نعرفها طبقا لهذا المفهوم :
العقل مع العلم والمعرفة مع استعمال المنهج القويم والمنطق السليم مع أشياء كثيرة أخرى ذات قيمة حقيقية يمكن أن تفيد البشرية، تؤتى للبعض فيعلموها للبعض الآخر.
أما الفلسفة فبما أنها "محبة الحكمة" كما عرفها أصحابها، فيمكن أن نقول أنها جملة العلوم والمعارف الذي يمكن أن يبلغ بها الإنسان إلى مراتب الحكمة.
وتبقى الفلسفة مظلومة في عصرنا الحالي، عندما يربطها العامة بحكم يصدره إنسان على آخر في محاولة لتمييع كلامه فيقول له : أنت تتفلسف !!!! وللأسف !!!!
** الكاتب : وديع كيتان **