إن معرفة الشريعة و أحكامها لا يمكن أن تتحقق بالاتكاء على الآراء المملاة أو الاكتفاء بالاستماع وتلقي الفتاوى المطبوخة في طناجر الضغط.
وفي ديننا الإسلامي وطبقا لمبدأ راسخ فيه لا يقبل المجادلة، كل مسلم يتحمل مسؤولية البحث و الإدراك لنصوص التشريع والأحكام التي أقرها هذا الدين.
إن نعم الله علينا لا يمكن حصرها. يقول تعالى :
وعلى رأس هاته النعم، نعمة العقل التي بدونها لا يمكن أن ندرك أو نفقه أو نستوعب أي مسألة سواء تعلقت بأبسط أوليات المعرفة الدينية أي الإيمان بوجود خالق أو بأمر من أمور الدين والدنيا.
ففي الإسلام، وخلافا لما يعتقده وهما بعض السلف والخلف، يعتبر استخدام العقل محمودا وتركه مذموما.
فقد أعطى تعالى لذوي الألباب مكانة خاصة وأفردهم بخاصية التذكر حين قال في مواضع عديدة وبصيغ كثيرة :
﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾
وهذا يعني أن من غير ألباب أو عقول لا يمكن أن نتذكر أو نعلم أو نفقه أي شيء من ديننا الحنيف. ويعزز هذا الطرح قوله تعالى :
بل يمكن أن نفهم طبقا لتلك الآيات أن هناك مقاربة مقصودة بين الكفر وتعطيل ملكة العقل.
ويزداد التحذير من ذلك إلى درجة أكبر بأن يؤدي عدم استخدام العقل إلى الكفر وبالتالي إلى جهنم وبئس المصير :
من هنا يأتي هذا الموقع ليحث بشكل رئيسي على تذكير أولي الألباب بأن عليهم أولا استشعار مسؤوليتهم في تدبر كلام الله من جهة، وتفعيله على أرض الواقع، وثانيا تحمل مسؤوليتهم في فهم كل ما يخص شريعتنا السمحاء.
فالإقرار بالتفاوت في العلم و المعرفة فيما يخص الفقه و الشريعة لا يمكن أن يبرر تعطيل هذا المحرك الاساسي للعلم والمعرفة.
والاعتراف بذلك التفاوت لا يعني الإقرار بوجود إملاء و تلقي فقط دون تحمل المسؤولية في ذلك من الطرفين، بل يجب على من يملي أن يبين الحجة و على من يتلقى أن يستوعب ما يأخذ و يستشعر مسؤوليته في ذلك قدر المستطاع.
على أساس ذلك تأتي مقالاتي بهذا الموقع، في محاولة لمعالجة مختلف القضايا الدينية بمنظور عقلاني يتوافق مع المنظومة القرآنية الربانية، دون تقليد للسلف ولا رفض لكل ما تركوه، ولكن متشبتين بفكر وسطي يضع الموروث الديني تحت المجهر، فلا يقبل إلا الصالح منه والمتوافق مع كلام الله، بتطبيق منهج علمي ومنطقي لا مجال فيه للأهواء أو المصالح أو الشبهات.
ملحوظة :
إيمانا مني بمقولة "لكل مقام مقال"، أشير إلى أن الطريقة المتبعة في كتابة مقالاتي في الموقع هي طريقة توافق الكتابة الالكترونية، وأعني بذلك الكتابة التي تقرأ عبر شاشة الحاسوب وليس الطريقة الأدبية المحضة التي توافق القراءة عبر الكتاب، ولذلك سوف تكون المقالات مختصرة اختصارا أتجنب فيها الإطالة المملة و في نفس الوقت أنشد فيها المغزى المراد إيصاله.
ومرحبا بكل تعليقاتكم وآرائكم..
** الكاتب : وديع كيتان **
لمشاهدة حلقة اليوتيوب الخاصة بالموضوع :
[ 1 ] تعليقات :
2017-09-14 14:53:39وديع من المغربouadie_k@yahoo.fr
بارك الله فيك
شارك برأيك .. وتذكر قول الله سبحانه وتعالى ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))