هي مصطلحات قرآنية صرفة، ولكنها تتداول بشكل خاطئ في أقوالنا وكتاباتنا وحواراتنا باللغة العربية، ولا نعلم متى ولا كيف تم ذلك ؟ ولا شك أن مقولة : " خطأ شائع خير من صواب مجهول " ساهمت في شيوع مثل هذه الأخطاء.
وولما كان لهذه المصطلحات معنى خاص في القرآن الكريم كان من الضروري أن نفهم أن استخدام المصطلحات في غير محلها يفسد المعنى الأصلي خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بالفهم القرآني.
سنحاول على شكل حلقات تدارس بعض أو معظم المصطلحات القرآنية المقصودة مثل:
المجرم، الحيوان، الروح، السُنة، الحجاب، الفؤاد.... وغيرها....
في هذه الحلقة سنتكلم عن مصطلح الحيوان.
الحيوان:
الحيوان في لغتنا المتداولة هو الكائن الحي ما دون الإنسان والنبات ، فهنام الحيوان الأليف وغير الأليف، وهناك الذي يطير والذي يمشي على رجلين والذي يمشي على أربع، وهناك الحشرات وغيرهم من مختلف المخلوقات الغير بشرية.
ولكن القرآن لم يذكر مصطلح الحيوان إلا مرة واحدة وأتى بمعنى الحياة الآخرة.
فالمصطلح إذن مصطلح قرآني صرف.
كلمة الحيوان هي مشتقة من حي وحياة، وقد تم ذكرها في آية واحدة، قوله تعالى :
فهي الحياة الحقيقية، الحياة الدائمة والأبدية.
أما المعنى المتداول حاليا ومنذ قرون لا نعلم بالضبط تاريخ استخدام المصطلح.
من أقدم الكتب العربية التي تكلمت عن الحيوان هو الكتاب المشهور : الحيوان للجاحظ، رغم أنه كتاب تكلم عن مفاهيم كثيرة أكثر من مصطلح الحيوان نفسه.
وقد ألفه الجاحظ حوالي سنة 250 ه على أفضل تقدير، لأن الجاحظ توفي سنة 255 ه وقد روى المؤرخون أن الكتاب أُلف في أواخر حياته.
المهم أن مصطلح الحيوان كان متداولا بعد قرنين ونصف تقريبا من نزول القرآن الكريم.
في الحقيقة، لا أحد يعرف من أين أتت تسمية "الحيوان" لتوصف بها المخلوقات الغير الإنسانية.
ولكننا نعرف أن الحيوانات عبر عنها التنزيل الحكيم بمصطلحات ثلاث هي : الوحوش، الأنعام والدواب.
وطبعا مادام أنه لما يختلف المبنى يتغير المعنى فالصيغ الثلاثة التي أتى بها القرآن كما قلنا سلفا، يختلف معناها بحسب السياق، وهذا ما سنقوم بتفصيله فيما يلي :
الأنعام :
هي الدواب الأليفة التي تتعايش مع الإنسان وتتآلف معه، وهي تنقسم لقسمين :
- تلك التي تذبح والتي يحل لنا أكل لحومها وشرب ألبانها ولباس جلودها وصوفها وتسمى «بهيمة الأنعام» ، وهي الغنم والبقر والماعز والإبل. يقول تعالى :
الدواب :
لغة الدابة هي كل ما يدب على الأرض، أي كل ما يمشي على الأرض (دبَّ: مشى مشيا بطيئا).
في القرآن الكريم، يختلف معنى «الدابة» بحسب السياق في الآية:
فهي تأتي بالمعنى الشامل لكل ما يدب على الأرض من مخلوق إنسان كان أم حيوان بل وحتى الجن.
وأخيرا تمت التفرقة بين الدواب وبين الأنعام، كما جاء في الآية الكريمة:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ ﴾
وأعتقد أننا يجب أن نفرق في استعمالنا لكلمة الدواب فنقصد بها كل الحيوانات البرية ماعدا الأنعام.
• الوحوش :
هي كل أنواع الدواب بجميع أشكالها وسميت وحوشا لوحشتها، أي لأنها لا تألف الإنسان وتحب أن تعيش لوحدها بعيدا عنه، لقوله تعالى :
مثل قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾
وقد يتساءل السائل لماذا ذكر تعالى كلمة الوحوش فقط حين ذكر يوم الحشر.
في رأيي هو قول دقيق جدا فلم يستعمل ربنا عز وجل مصطلح الوحوش إلا في هذه الآية، لأن يوم الحشر سوف ترجع كل الدواب إلى طبيعتها الوحشية، فالأنعام في الأصل لم تكن أليفة بل جعلها الله كذلك أي ذللها خدمة للإنسان، وذلك طبقا لقوله تعالى:
باختصار، كل ما يسمى الآن حيوانات هي في لغة القرآن دواب وأنعام ووحوش، وأما الحيوان فهو مصطلح قرآني بامتياز وصف به الله الحياة الآخرة، ومن الصواب ألا يستعمل إلا في مكانه الصحيح.
والله أعلى وأعلم.....
** الكاتب : وديع كيتان **
لمشاهدة حلقة اليوتيوب الخاصة بالموضوع :
شارك برأيك .. وتذكر قول الله سبحانه وتعالى ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))