مصطلحات قرآنية قحة - الإجرام -
منشور في : 2020-12-18
مصطلحات قرآنية قحة - الإجرام -
هي مصطلحات قرآنية صرفة، ولكنها تتداول بشكل خاطئ في أقوالنا وكتاباتنا وحواراتنا باللغة العربية، ولا نعلم متى ولا كيف تم ذلك ؟ ولا شك أن مقولة : " خطأ شائع خير من صواب مجهول " ساهمت في شيوع مثل هذه الأخطاء.
وولما كان لهذه المصطلحات معنى خاص في القرآن الكريم كان من الضروري أن نفهم أن استخدام المصطلحات في غير محلها يفسد المعنى الأصلي خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بالفهم القرآني.
سنحاول على شكل حلقات تدارس بعض أو معظم المصطلحات القرآنية المقصودة مثل:
المجرم، الحيوان، الروح، السُنة، الحجاب، الفؤاد.... وغيرها....
المجرم :
المجرم في لغة العصر هو السارق والقاتل والناهب والمرتكب لشتى الجنايات بحق البلاد والعباد.
أما في القرآن الكريم، فالمجرم أكبر من ذلك، فهو مبدئيا يأتي كنقيض لمصطلح المسلم، بدليل قوله تعالى:
أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ
وهو ما نطلق عليه في لغتنا المتداولة الملحد الذي لا يؤمن بالله ولا بوجوده.
ويدخل في نطاق المجرم كل مشرك أو كافر. لأن الأول يشرك غير الله في العبادة، والثاني يجحد وجوده ولا يعطي اعتبارا له، فهو قد قطع صلته بالله.
فالإجرام إذن يخرج من ملة الإسلام.
في اللغة، فعل أجرم يعني : أذنب أو اقترف إثما أو جريمة. والجريمة كل عمل سيء يحاسب عليه القانون، وهي أيضا الجناية أو الجنحة.
أما قرآنيا، وقبل استنباط المعاني المرتبطة بالإجرام كصفات المجرم وما يميزه والمصير الذي ينتظره، لا بأس باستعراض الآيات التي ورد فيها مشتقات فعل "جرم".
الكلمات المذكورة والمشتقة من جذر "جرم" هي :
لا جرم، يجرمنكم، مجرميها، أجرموا، المجرمون والمجرمين، مجرما، أجرمنا :
• لا جرم : لا شك ولا محالة.
لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
• يجرمنكم : أي يحملنكم ويدعونكم ويحرفون قناعتكم.
...وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ....
• المجرمون والمجرمين :
وقد ذكرت مرات عديدة :
مثل قوله تعالى: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ
فالمجرمون هم الذين يكذبون باليوم الآخر :
وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ
هم كذلك المخالفون لتعاليم الرسل وأعداؤهم:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا
هم كذلك المكذبون بآيات الله، والمفترون على الله الكذب :
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ
وهم الذين يكذبون بآيات الله ويستكبرون عن عبادته :
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
وهم الذين يعرضون عن آيات الله لما يذكرون بها :
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ
- مجرميها: أي الذين يمكرون في كل قرية ويدعون بالكفر.
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
• أجرموا: هم أيضا من يستهزؤون بالمؤمنين وبآيات الله، وبشكل عام الذين يمارسون فعل المجرمين.
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ
نستنتج مما سلف أن الإجرام هو أقصى درجات الكفر والضلال والطغيان.
صفات المجرمين :
إذا أردنا اختصار صفات المجرمين سوف نذكر:
- تضليل الناس ودعوتهم إلى الكفر وإبعادهم عن الطريق المستقيم.
- الافتراء على الله وتغطية الحق بالباطل.
- المكر وخداع الناس بقلب الحقائق.
- الاستكبار عن عبادة الله والتكذيب بآياته بشكل عام وبيوم الدين بشكل خاص.
- التغامز على المؤمنين والسخرية منهم.
....
المجرمون إذن هم أعداء الرسالات السماوية، والمعرضون عن الأوامر الإلهية، والمخالفون لوصايا الأنبياء والمرسلين.
فالملحدون مجرمون، والمشركون مجرمون، والكفار مجرمون.
مصير المجرمين :
عند قيام الساعة سوف يتميز المجرمون عن غيرهم :
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ
وسوف يساقون كالقطعان مباشرة إلى جهنم وبدون سؤال ولا حساب:
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا
وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ
أما مصيرهم فهو أسوء ما يمكن أن يكون، ويكفي أن نذكر بعض الآيات التي تجسد هذا المصير:
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ
يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا
إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى
** الكاتب : وديع كيتان **