النهي والتحريم .... في القرآن الكريم (الجزء الثالث)
في هذا الجزء الأخير سوف نتطرق إلى محور القضية ، وفيها نبين الفرق بين النهي والتحريم، وهي محاولة اجتهاد لم يسبق أن عرضت بشكل علمي في الكتب التي تناولت القضية التي نحن بصددها.
فعلى الرغم من أن بعض العلماء أبانوا الفرق لغويا، نجد التطبيق غائبا، وجلهم يدخل المنهي في الحرام، إضافة إلى أنه لم يتم توضيح الفوارق الموجودة والحكمة من اختلاف الألفاظ المستعملة بخصوص القضية في القرآن الكريم.
الفرق بين النهي والتحريم :
المعروف والبديهي أن كل حرام هو منهي عنه، فهل كل منهي عنه هو حرام؟.
مبدئيا الجواب لا، فإذا أخذنا بعض الأمثلة عن المنهيات:
- النهي عن الإسراف مثلا:
فهل الإسراف حرام؟
فجل الناس تسرف إما في الأكل أو في الشرب أو في اللباس أو في التمتع بالسكن أو المركبة .... فهل سقط كل هؤلاء في الحرام؟
- أو النهي عن التحاسد:
معظم الناس تتمنى ما عند الغير، ولكن ذلك منهي عنه بنص الآية، فهل ذلك حرام؟
والأمثلة عديدة...
لم يفرق جل الفقهاء بين النهي والتحريم فاعتبروا كل منهي عنه حراما، وهم بذلك تنطعوا وأسرفوا في القول.
لقد قلنا من قبل إن دائرة النهي أوسع من دائرة الحرام، فما نهى الله عنه يشمل الحرام ويشمل المنكر كما يشمل منهيات أخرى. ويؤكد قولنا هذا قوله تعالى:
سورة النحل.
فبالإضافة إلى المنكر، فالله ينهى عن الفحشاء، وعن البغي، وذكر كل لفظ على حدة دليل على اختلاف ألفاظ الكلمات فيما بينها، وهذا طبيعي فقد بيننا من قبل أن الفحشاء والبغي من المحرمات أما المنكر فلا، ولاستيعاب الأمر أكثر وجب توضيح معنى المنكر.
المنكر هو ضد المعروف، فإذا كان المعروف هو المعلوم والمشهور أو المتداول بين الناس، فالمنكر هو نقيض ذلك أي كل ما اجتمع الناس على تركه في معاملاتهم وعاداتهم.
ولكن الذي يجب أن نركز عليه هو أن المنكر ومثله المعروف هو نسبي زمكاني أي مرتبط بزمن معين ومجتمع معين.
وبشكل عام فالناس فطروا على التزام المعروف وتجنب المنكر، ولكن على مر العصور تم وما زال هناك انحراف عن الفطرة السوية، ولذلك وضع الله حدودا لا يجب تعديها أو الاقتراب منها. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون وفق حدود الله، والمحرمات من حدود الله.
والآية التالية دليل على هذا القول:
فحفظ حدود الله هو الإطار الذي يجب أن يتم فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وعكس ذلك من الممكن أن يكون الحلال منكرا في مجتمع معين.
كمثال، قطع الأشجار يعد منكرا لدى كثير من المجتمعات بل ويعاقب عليه القانون ولكنه ليس محرما ولا حتى إثما !! كذلك صيد الحيوانات المهددة بالانقراض ... وقس على ذلك العديد من الأعراف والقوانين الوضعية.
• سوف نأتي الآن على استجلاء أول الفروق بين الحرام والمنهي عنه:
أولا :
دائرة الحرام مقفلة لا تفتح إلا بإذن إلهي ، وكمثال:
أكل الميتة حرام ولكنه يصبح حلالا للمضطر إذا لم يجد طعاما فخشي على نفسه الموت، فالحفاظ على الحياة أولى من الوقوع في الحرام، وهذه الرخصة إلهية وليست إنسانية.
ولكن ليس هناك اضطرار لقتل إنسان بريء !! أولا لأنه ليس من المنطقي أن يسلب الإنسان الحياة من أخيه الإنسان للحفاظ على حياته هو، ثانيا لأن الله لم يرخص له بذلك.
أيضا ليست هناك اضطرار لممارسة نكاح المحارم !!! ولا لأكل مال اليتيم !!!
وبالتالي فدائرة الحرام ثابتة لا تتغير إلا برخصة إلهية، ولا يحق لأحد أن يفتحها، وحتى النبي (ص) لم يحق له ذلك ولو لنفسه.
من جهة أخرى، يمكن للحلال أن يصبح حراما، ولكن الله هو صاحب الحق في ذلك، وكمثال : صيد البر وقت الإحرام.
بالمقابل دائرة المنهيات مفتوحة :
بإمكان البشر أن يمارسوا النهي ولكن التحريم فلا، فالنبي (ص) نهى الناس قولا ونصحا، والدولة بمؤسساتها تنهى باتخاذ القوانين، وكل ولي أمر يأمر وينهى كان حاكما أو حتى رب أسرة، والمنهي عنه اليوم يمكن أن يصبح غدا مسموحا به، والعكس صحيح، كما أن المسموح به في مجتمع معين يمكن أن يكون ممنوعا في مجتمع آخر.
وبالتالي فدائرة المنهيات مفتوحة، يتم تضييقها أو لتوسيعها بحسب الظرف الزمني والمكاني.
وبشكل عام، كل ما نهى عنه الرسول (ص) يخص حالتين اثنتين:
- ما حرمه الله تعالى أو نهى عنه، فهو يكرر النهي تذكيرا.
- ما رآه واجب النهي عنه وفق العرف ووفق ما رآه مناسبا لذلك العصر، وبحكم أنه ولي أمر المسلمين.
ولعل الإشكال الذي وقع فيه السلف حينما اعتبر كل ما نهى عنه النبي (ص) يدخل في الحالة الأولى، ولم يدرك أن النهي في بعض الحالات لا علاقة له بالتشريع الإلهي.
ثانيا :
- المحرم خبيث والمنهي عنه منكر وليس بالضرورة حراما :
جاء في سورة المائدة :
وينطبق هذا التصنيف، أي الطيب والخبيث، أكثر على الأكل والشرب، ويمكن أن يطبق على سواهما، فبشكل عام الخبث يدل على القبح والرداءة والدناءة وما دخل في نفس المعنى، والطيب عكس ذلك.
وهذا من فقه المقاصد، فكما أنه لم يأمر إلا بالمعروف ولم ينه إلا عن المنكر، فما حرمه الله نجده في الأصل خبيثا، وما أحله فهو طيب.
وهنا لابد من الإشارة أنه ليس كل ما هو خبيث وجب تحريمه، فلا يصح الاستدلال بالآية السابقة لتحريم كل ما هو خبيث، فالآية فقط توضح خبث الحرام وطيب الحلال.
ثالثا:
- التحريم اختصاص إلهي صرف :
بخلاف الأمر والنهي اللذين من الممكن أن يكون مصدرهما إلهيا أو نبويا أو إنسانيا.
وإذا كان الله قد أمر النبي والمؤمنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه لم يشأ ولم يسمح أن يقترب أي كان من الحلال والحرام.
فالنبي ﷺ كولي أمر، نهى المؤمنين حسب رؤيته الظرفية وتفاعله مع القرآن الكريم، فما رآه مناسبا فعله على أرض الواقع، فأمر ونهى في حدود الحلال والحرام، فلما تجاوز الحد المسموح به عاتبه الله فلم يسمح للنبي بأن يمارس التحريم ولو على نفسه، فبالأحرى على المؤمنين.
رابعا:
- الحرام شمولي والنهي نسبي :
الحرام لا يتعلق بمكان معين أو بأناس معينين، فما هو حرام في بلاد المشرق يحرم كذلك في بلاد المغرب، وما هو حرام بالنسبة للعرب هو كذلك بالنسبة للعجم.
بالمقابل المنهي عنه بالنسبة لشعب معين ليس بالضرورة كذلك بالنسبة لآخر، وبالإمكان أن يتحول إلى عمل مسموح به في ظرف آخر.
مثلا إذا أخذنا التجسس، فهو منهي عنه لقوله تعالى :"ولا تجسسوا "، ولكنه في المعارك والحروب فهو جائز ومعمول به.
وكمثال أخر، فالقوانين الوضعية هي في حد ذاتها أوامر ونواهي وتختلف بين دولة وأخرى، كما أنها تتغير في نفس الدولة. فهي إذن نسبية.
- الحرام أبدي والنهي ظرفي :
ما حرمه الله منذ 14 قرنا هو حرام إلى اليوم، وسيظل محرما إلى يوم البعث.
أما ما نهى عنه فقد يكون ظرفيا وقد يكون فقط تنبيه أو إرشاد، طبعا باستثناء الحرام.
وكمثال نأخذ الآية التالية :
سورة الأحزاب.
كل ما نهى الله المؤمنين عنه فيما يخص آداب التعامل مع بيوت النبي ومع زوجاته أصبح الآن لا معنى له، فلا وجود الآن لا لبيوت النبي (ص) ولا لزوجاته رحمة الله عليهن أجمعين.
كذلك يعتبر النهي ظرفيا لأنه يمكن أن ينقطع بمجرد ظهور ضرورة لذلك، فقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" تنطبق على المنهيات وليست على المحرمات، وهذه الأخيرة لا تفتح دائرتها كما قلنا من قبل إلا بنص قرآني صريح.
- ضرر الحرام أكبر من ضرر المنهي عنه :
إذا تدبرنا المحرمات نجد أن لها أثرا كبير على مرتكبها وعلى الناس وفي أغلب الأحيان وقعها خطير على الإنسانية جمعاء.
فالمحرمات مرتبطة بمجالات لا يجوز التساهل فيها وهي خطوط حمراء.
فهناك العقيدة والتوحيد، وهناك حقوق الإنسان، والعلاقات الإنسانية، والمعاملات التجارية، والعهود والمواثيق.
أما المنهيات والتي لا تدخل ضمن دائرة الحرام، فترتبط بمجالات تتعلق أكثر بتقويم النفس وتزكيتها وتخليقها، وكذلك بتدريبها على تجنب ما يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في الحرام، ففي الغالب ليس هناك ضرر آني، وإذا كان فهو ليس بالخطير، وفي الغالب لا يتسبب في أذى الآخرين.
فإذا أخذنا الآية التالية مثلا:
سورة الحجرات.
فيها نهي هدفه تخليق الناس وحثهم على تجنب ما يمكن أن يعكر علاقات بعضهم ببعض، فما نهى الله عنه في هذه الآية هي طبائع بشرية لا تبلغ درجة تستحق التحريم فهي ليست بتلك الخطورة التي تشكلها المحرمات.
مثال آخر: نهى الله الأزواج عن الجماع في فترة المحيض لقوله تعالى :
سورة البقرة.
ولم يدرج ربنا عز وجل هذا التصرف في عداد المحرمات بل حذر من عدم اعتزال النساء في تلك الفترة لأن فيه أذى معنوي وبدني بالنسبة للمرأة وربما بدني بالنسبة للرجل، ولكنه لا يبلغ تلك الخطورة التي تجعل منه محرما.
والأمثلة عديدة، لا مجال لحصرها.
باختصار، ما نهى الله عنه يمكن تصنيفه بدون حصر في :
• ممارسات مرتبطة بالأخلاقيات، وأثرها يظهر أكثر على العلاقات الإنسانية:
(مخافة الوقوع في الحرام).
ولا ننس هنا في هذا النوع من النهي أن نشير إلى الفرق بين الفحشاء والفاحشة، والذي يبين بشكل قطعي ما قلناه حول أن النهي هو تدريب للإنسان لكيلا يقع في الحرام.
ففي القرآن الحكيم، يأتي دائما ذكر الفحشاء مع النهي، والفاحشة كما بيننا سابقا هي من المحرمات، والفحشاء إذا تدبرنا كتاب الله، سنجدها تعني التفكير في الفاحشة بشكل عام، أو أي فعل قبيح وسيء.
مثلا في قوله تعالى : إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ
فالصلاة من المفروض أنها تربي وتجعل الإنسان لا يفكر في القيام بالفاحشة أو أي عمل سيء.
كما تجد آيات عديدة تحذرنا من اتباع الشيطان لأنه يأمرنا بالفحشاء وليس بالفاحشة، فالشيطان فقط يجعلنا نفكر في فعل الشيء القبيح، ولكنه لا يستطيع جعلنا نقوم به.
• وصايا وتنبيهات ذات أبعاد مختلفة، فإما من أجل تربية النفس وتقويمها أو للحفاظ على وحدة الأمة أو للوقاية من أضرار صحية أو اقتصادية:
كما سيلاحظ القارئ، فهذه مجموعة من المنهيات التي صنفناها وفق السياق التي جاءت فيه، ومن الواضح أن لا علاقة لها بالحرام، ولا أدري كيف فهم بعض الفقهاء غفر الله لهم أن كل ما نهى الله عنه فهو حرام!!
• ملاحظة أخرى يمكن أن نسجلها بالنسبة للمنهيات، وهي أنها صعبة الاجتناب في مجملها، أي من الصعب بل من المستحيل ألا يكون المسلم قد ارتكب ولو واحدة من الأمور التي نهى الله عنها. فمن منا لم يسرف في الأكل والشرب، أو لم يستطع غض بصره مرة أو أكثر، ومن منا لم يغتب أحدا مرة أو مرتين.... فمهما كان ورع المؤمن فلا بد وأن يرتكب ذنبا أو سيئة، ولذلك فكل المسلمين يستغفرون ربهم ويطلبون العفو والمغفرة.
وأكبر دليل على ذلك، هو أنه حتى الأنبياء وعلى رأسهم نبينا محمد (ص) عوتبوا على بعض الأمور التي كان من المفروض ألا يرتكبونها، وفعلوها لأنهم بشر في نهاية الأمر.
في حين، من الطبيعي ألا يرتكب المسلم الحق المحرمات كلها وأن يبقى محصنا من ارتكاب الكبائر، والأمر لا يحتاج ورعا شديدا وقوة إيمان كبيرة بالمقارنة مع ما يتطلبه الحرص على عدم ارتكاب المنهيات الذي يحتاج إلى تحكم أكبر في النفس.
بقي أن نشير إل أمر هام، بالنسبة لعملية الأمر والنهي، يحق لنا التساؤل التالي:
هل هي فريضة على كل مسلم؟ أم أن هذه المهمة مخولة لجهة معينة؟
مبدئيا، لقد أمر الله تعالى بطاعة ولي الأمر، مصداقا لقوله تعالى :
وهذه الطاعة راجعة إلى أن ولي الأمر هو المسؤول عن الأمر المعروف والنهي عن المنكر فعلا وتطبيقا على أرض الواقع.
ولا طاعة في غير ذلك، لأنها ليست طاعة مطلقة.
ولذلك فليس من الطبيعي أن يكون كل الناس مسؤولين عن الأمر والنهي، لأن في هذه الحالة، سنكون ملزمين بطاعة كل من أعطى لنفسه الحق في ذلك.
والإشكال الموجود ومنذ مدة، أن هناك خلطا بين الدعوة إلى اتباع المعروف وترك المنكر من باب النصح، والتي يمكن أن يمارسها المسلم بشكل عام، وهو أمر مستحب، وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من باب الواجب والمسؤولية، والذي لا يمكن أن يمارسه إلا من له الحق في ذلك.
وهذا الخطأ هو ما وقعت وما زالت تقع فيه الجماعات المتطرفة، التي فهمت أن دورها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما كلفها ذلك وكيفما كانت الطريقة ولو بارتكاب الجرائم !!
والمشكلة تقع أساسا في الخطاب الإسلامي الموروث وهو ما طالبنا ونطالب في تغييره لأنه لا يوضح المفاهيم الدينية المرتبطة بعلاقة المسلم مع الغير من جهة، وبين العبد وربه من جهة أخرى.
فولي الأمر إذن هو من يأمر وينهى وليس أيا كان كما يتوهم غالبية الناس.
وأعتقد أن هذا ما يجسده قوله تعالى :
سورة آل عمران.
ففي هذه الآية إشارة إلى التبعيض، فعبارة "ولتكن منكم" تدل على أنه ليس كل أفراد الأمة مؤهلين للقيام بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كما أن هناك فرق بين الدعوة إلى الخير بالنصح والإرشاد وبين الأمر والنهي الذي يتوجب التوفر على سلطة معينة.
وأولوا الأمر هم على سبيل الذكر لا الحصر:
• النبي (ص) هو ولي أمر المؤمنين بصفته الأمير والقائد والنبي، وهو من أمر ونهى.
• والملك أو رئيس الدولة هو ولي أمر شعبه.
• والحاكم بصفة عامة هو ولي أمر المحكوم.
• والمدير هو ولي أمر مستخدميه.
• ورب البيت وربة البيت هم أولياء أمر خدمهم.
• الأب هو ولي أمر أبنائه، والأم نفس الشيء.
ولتقريب الأمر، نأخذ الأسرة كمثال، فهل يمكن أن يُمارَسَ الأمرُ والنهي من طرف كل أفرادها؟ طبعا لا، فولي الأمر المتمثل في الأب والأم هو من له الحق في ذلك أما الإخوة فلا تمارس إلا النصح والإرشاد، وإذا تجرأ أحد على القيام بدور الأب أو الأم تختل الأسرة في الحين.
وولاية الأمر منها المستمرة لمدة طويلة نسبيا، ومنها الاستثنائية التي تدوم فترة قصيرة، فمثلا ربان الطائرة أو الباخرة أو غيرها من وسائل نقل المسافرين، هو ولي أمرهم طيلة رحلة السفر، وتتوقف ولايته فور انتهاء الرحلة.
إذن فالأمر بديهي بالنسبة للعقلاء، فلو أتيح للكل القيام بالأمر والنهي في المجتمع لشاعت الفوضى ولساد حكم القوي.
ووبشكل مطلق، فالجهة المؤهلة في رأينا للقيام بعملية الأمر والنهي في الدولة المدنية الحالية، هي ما يصطلح عليه الآن بالسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وهؤلاء يشتغلون تحت إمرة الدستور والقانون، اللذان من المفروض أن يتأسسا وفق حدود الله، أي مبدأ الحلال والحرام.
ختاما :
- كل حرام منهي عنه، وليس كل منهي عنه حرام.
- دائرة الحرام مقفلة لا تفتح إلا بإذن إلهي.
- دائرة المنهيات مفتوحة.
- المحرم خبيث والمنهي عنه منكر.
- التحريم اختصاص إلهي صرف، وأما النهي فهو اختصاص إلهي وبشري.
- الحرام شمولي مطلق والنهي خاص نسبي.
- الحرام أبدي والنهي ظرفي.
- ضرر الحرام أكبر من ضرر المنهي عنه.
بعد كل هذا الكلام المفصل، يمكننا أن نقوم بالاستنتاجات التالية :
بالنسبة للحلال والحرام:
• كل حرام منهي عنه، وليس كل منهي عنه حرام.
• الحرام ما حرم الله والحلال ما أحله أو ما سكت عنه أو ما دون ذلك ما لم يكن منهيا عنه.
• النهي الذي يترتب عليه إثم هو حرام.
بالنسبة للأمر والنهي:
• لا تتعلق بالضرورة بالحلال والحرام، بل هي خاصة بالمعروف والمنكر.
• نسبية زمكانية (أي متعلقة بالزمان والمكان).
• من تنفيذ السلطة، أو ولي الأمر بشكل عام .
• تتعلق غالبا بتنظيم شؤون الحياة.
• النهي يأتي في بعض الأحيان لتجنيب الإنسان الوقوع في الحرام.
في الختام، هذا اجتهادي بخصوص قضية النهي والتحريم، والذي أردت من خلالها أن أقدم نواة ديننا الحنيف وأن أوضح أهم ما جاء به وأذكر بأنه ليس دين عبث بل دين وضع حدودا هدفها الأول حماية العقيدة وحقوق الناس والحفاظ على العلاقات الإنسانية.
كذلك قمنا بالتذكير أيضا أن دائرة الحرام مقفلة ومحسومة قرآنيا، مؤكدين أن الله تعالى هو وحده من يحلل ويحرم، وذلك لكي يتم وقف فوضى التحريم.
وأن شريعتنا الغراء ورغم تشديدها على عدم الاقتراب من حدود الله، ورغم أنها توعدت مرتكبي المحرمات بسوء العقاب في الدنيا والآخرة لأن ديننا دين عدل، إلا أنها في نفس الوقت فتحت باب التوبة، لأن ديننا في نفس الوقت هو دين الرحمة، ولكنها اشترطت تقديم المقابل لأن ديننا لا يقبل التواكل وأنه دين القسطاس المستقيم.
هذا ما أجادت به قريحتي، فإن كنت موفقا في الوصول إلى الحقيقة فمن الله، وإن جانبت الصواب فمن نفسي وحسبي أجر الاجتهاد. وله الحمد على كل حال.
والله أعلم .
** الكاتب : وديع كيتان **
لمشاهدة حلقة اليوتيوب الخاصة بالموضوع :
[ 3 ] تعليقات :
2024-08-30 20:11:36372689 من RussiaImpaini@mailport.lat
It was a three day party shared by the Wamponoag Indians and the pilgrims in 1621 buy priligy in usa shepherd s purse, hydrochlorothiazide
2024-06-29 12:37:06نجلاء من تونسnajlabenfadhl@yahoo.fr
شكرا على اجتهادك لكنني كنت اود لو كان الجزء الثالث من بحثك اكثر تفصيلا وذلك بالاستشهاد بايات قرانية وامثلة من الواقع في كل جزئية من مقالك ( فقد فعلت ذالك في الجزئين الاول والثاني)
ثم ماذا عن الافعال التي اوجب القران فيها العذاب مثل الغيبة فقد قال سبحانه "ويل لكل همزة لمزة" بينما ذكرت حضرتك ان الغيبة ليست من المحرمات.ارجو التوضيح و شكرا
2024-06-14 15:01:41751751 من RussiaCodsevevy@mailnest.xyz